لا تشعرين بالأمان مع زوجك فأنت خائفة تشعرين أنه سيتركك إن لم يكن بجسده فبقلبه وعواطفه. .
تلمحين ذلك في نظرات عينيه الشاردة أو كلماته القليلة الجافة وفي مرحلة لاحقة حديثه الصريح عن ضجره ورغبته في أخرى.
كلما ازددت قربا ازداد هو بعدا. . تتصلين به هاتفيا باشتياق فيجيبك بلهجة جافة لدي عمل مهم نتحدث لاحقا.
تنتظرين عودته بلهفة فلا يبالي سوى بإعداد الطعام. . تجلسين تتحدثين وتتحدثين ولا يجيبك بشيء كأنه فاقد القدرة على النطق..
فجأة يأتيه هاتف من أمه أو صديقه أو زميلته في العمل فتجدين لسانه قد انطلق وضحكاته تجلجل في المكان.
ويفتح الحديث بعد الحديث وأنت جالسة فاغرة الفم لا تفهمين ما يحدث، ربما يعتصر الألم بقبضته الباردة قلبك وقتها، وربما لا تستطيعين وقف شلال الدموع الذي قد يتفجر من عينيك. . الشيء المؤكد أنه سيثور داخل عقلك سؤال كبير وضخم عنوانه لماذا؟
لماذا يتجاهلني؟
لماذا يتعامل معي بصلف وغرور؟
لماذا افتقد رقته وحنوه؟
لماذا يفقد النطق معي؟
لماذا ينطلق في الحديث مستمتعا مع الآخرين؟
ألف لماذا ولماذا تثور في عقلك مفجرة بركان من الغضب والضيق فتنطلقين صارخة في وجهه وأنت في حالة هياج قد تنتهي للطلاق أو الذهاب غاضبة لبيت أسرتك.
وقد تنزوين في غرقتك جريحة مهزومة مقهورة معتقدة أن هذا هو قدرك الذي ينبغي أن تقبلي به.
وربما فقدت ثقتك في نفسك وشعرت أنك باردة غير جميلة ولا تشعين بالجاذبية وهذا هو سبب المأساة التي تعيشين فيها.
أسر تتهدم وأخرى تعيش حياة بائسة يظللها الخرس الزوجي والخواء العاطفي والسبب شرود الزوج وعدم قدرة المرأة على فهم أسباب هذا الشرود وبالتالي عدم القدرة على إيجاد حل أو مخرج لهذه المشكلة.
بين الملل والشرود:
هناك خطأ كبير تقع فيه شريحة كبيرة من الزوجات وهي أنها وبمجرد زواجها تتخلى عن كل ملامح شخصيتها السابقة والتي لأجلها انجذب إليها الزوج بحيث تتمحور تمحورا شديدا حوله فتخنقه داخل شرنقة فيجاهد للفرار والابتعاد عن هذا السجن الذي لا يطيقه أي رجل.
صديقتي (ب) كانت معلمة نشيطة تجتمع بباقي المعلمات في فترة الاستراحة وتعلمهن التجويد وفي المساء كانت طالبة في معهد إعداد الدعاة. . كانت تسعى للتعلم والتفقه وكانت تحاول نقل ما تعلمته للأخريات حتى يعم الخير. .
كان المعلم (أ) زميلا لها في المدرسة. . لم يكن شخصًا ملتزمًا ولكنه كان يتمنى ذلك خاصة وأن له علاقات كثيرة سابقة مع فتيات متبرجات ولم يقبل أن تكون واحدة منه زوجته، ولكنه عندما شاهد (ب) تمنى من كل قلبه أن تصبح هذه الفتاة شريكة حياته وظن أن حياته ستختلف معها لذلك أقسم أغلظ الأيمان أنه سوف يلتزم.
وأنه سيترك عمله في الحفلات حيث أنه خريج معهد الموسيقى وسيكتفي بعمله في التدريس و.. و..
ولكن الذي حدث هو العكس تماما. . تركت (ب) الدعوة إلى الله وتركت معهد إعداد الدعاة بحجة أن تتفرغ له ولكنها أصبحت كسولة أيضا أصبح تتبع زوجها هو شغلها الشاغل. . تبحث عن ماضيه تحاول أن تقارن بين نفسها وبين الأخريات اللاتي تركهن ومنهن بعض قريباته. .
باختصار انشغلت به أكثر مما يجب وبطريقة خاطئة وتقليدية ولم يجد هو الذي كان يبحث عنه لم يجد ما يميز زوجته غير الحجاب الذي ترتديه وأخلاقها التي لا يشك فيها أما على مستوى العلاقة بين المرأة والرجل لم تعد تثير خياله في شيء. .
مجرد امرأة عادية بل أقل من عادية فهي لا تجيد ما تجيده الفتيات الأخريات المتفننات في إبراز زينتهن واللاتي يلتقي بهن في الحفلات التي عاد لها دون رفض من الزوجة التي خشيت بمعارضتها له أن تفقده فتخلت عن واجبها في النهي عن المنكر حتى لا تخسره ولكنها خسرته فعلا فلم تصبح في حياته إلا أم الأولاد التي لا يجد شيئا يتحدث به معها.
استعيدي نفسك:
تريدين أن تستعيدي زوجك الشارد عنك عليك إذن أن تستعيدي نفسك أولا.
لا يوجد رجل يحب امرأة بلا ملامح خاصة بها تميزها.
ـ أنت في الأصل أمة لله سبحانه وتعالى ضعي أوامر الله تعالى ونواهيه في المقام الأول. . عندما يحين موعد الصلاة لا تفضلي حديث زوجك عن القيام بواجب الوقت.
ـ لا تبوحي بسر قريباتك أو صديقاتك لمجرد فتح حديث مع زوجك.
ـ ليس معنى أن زوجك هو أهم شخص عندك أن تقصري في علاقتك بوالديك ورحمك وصديقاتك.
ـ تعلمي أن تستمتعي بوقتك مع نفسك أو مع الأولاد دائما سواء كان هو معكم أو بدونه.
ـ اهتمي بنفسك بصحتك برشاقتك بجمالك كي تعززي ثقتك بنفسك ولا تنتظري إطراءً منه على ذلك وإلا توقفت عن هذا الاهتمام بالذات.
ـ إياك والتبسط الزائد الذي يفقدك سحرك وأنوثتك وجاذبيتك.
ـ كوني رقيقة ومجاملة دون مبالغة.
ـ إياك وملاحقته ومتابعته والضغط عليه من أجل أن يصارحك بمشاعره. . كوني هادئة وصبورة وسوف يصنع كل ما تريدين منه وأكثر.
ـ لا تبالغي في انشغالك حتى لا تصبحين متهمة بالإهمال. . توسطي في الأمر فالمطلوب أن يشعر أن لديك اهتمامات متنوعة ولكنك دائما معه موجودة وحاضرة وفعالة دون ضغط أو متابعة لصيقة.
ـ كوني كالصديقة اللطيفة الذكية المدركة لشئون الحياة القادرة على القيام بأمورها بكفاءة وفي الوقت ذاته المحبة الرقيقة التي تقدم حبها بلمسات الفنان الناعمة.
وفي الوقت ذاته الأنثى الجذابة التي تعشق الجمال والحيوية إذا نجحت في ذلك فثقي أن أحلى الحديث سيوجه لك ولن ترين منه شرودا ولا بعدا بعد اليوم.
الكاتب: فاطمة عبد الرءوف
المصدر: موقع رسالة الإسلام